إعلان علوي

خدمة Google Voice خطوة نحو الشبكة كلية الوجود‏

حينما ننظر إلي خدمة جوجل الصوتية وإمكاناتها ومكانتها في حركة التطور التي يشهدها عالم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نجدها لم تبزغ من فراغ‏,‏ بل إفراز طبيعي لخليط متنوع من الأفكار والمنجزات التي شهدها العالم



google

 خلال العقود الثلاثة الماضية, وكان من أبرزها الأفكار الثلاث التي قلنا خلال الأسبوعين الماضيين أنها تمثل محطات بارزة علي طريق تطبيق وإنجاز حلم الشبكة كلية الوجود, وهي فكرة الشبكة القائمة علي البنية التحتية الموحدة, وفكرة نظام الترقيم الموحد, وفكرة السلاسة في التنقل بين شبكات وأشكال الاتصال النصية والصوتية والمرئية, فالحاصل عمليا أن ظلال الأفكار الثلاثة واضحة جلية في هذه الخدمة, بل يمكن القول إن قيمة جوجل فويس الأساسية تتمثل في مزج هذه الأفكار الثلاثة في قالب واحد واضح الملامح قابل للتشغيل علي النطاق التجاري والجماهيري العام, ولذلك فإن هذا الخليط الثلاثي هو المدخل الذي نراه ملائما للاقتراب من هذه الخدمة وشرحها وتوضيحها.

ولكي نقترب من جوجل فويس في ضوء هذا الخليط الثلاثي دعونا نعرف أولا ما هي جوجل فويس وما الذي تقدمه, وللقيام بذلك تخيل السيناريو التالي:

أنت تعمل في شركة كبري ذات فروع, ونسيت تليفونك المحمول في المنزل ولم تكتشف ذلك إلا بعد أن وصلت إلي العمل, ولكنك كنت تنتظر عدة مكالمات مهمة, منها مثلا مكالمة متعددة الأطراف مع مديري الفروع في الدول الأخري, وهنا ستقول لا بأس.. بفضل جوجل فويس سيرن تليفون المكتب ويستقبل المكالمات التي كانت موجهة أصلا إلي تليفوني المحمول الذي نسيته في المنزل, لكنك في اللحظة نفسها ستتذكر أن خط التليفون الأرضي الثابت في المكتب معطل أو لا يوجد أصلا خط أرضي, وهنا لن تشعر بمشكلة, لأنه بفضل جوجل فويس أيضا سيتم تحويل مكالماتك الموجهة أصلا إلي التليفون المحمول إلي حاسبك المحمول المتصل بالإنترنت عبر شبكة لاسلكية وليست أرضية, والذي ستستخدمه في هذه الحالة ليس فقط لتلقي المكالمات بل وإرسالها أيضا, وفي لحظة ما يصلك تليفونك المحمول الذي نسيته بالمنزل, وساعتها ستفضل استكمال الاتصال من خلاله, وبفضل جوجل فويس سيدخل تليفونك المحمول إلي حلبة الاتصالات ويكون هو أداتك في استكمال المكالمات.

لكن دخول المحمول كوسيلة تواصل لا يمنع حاسبك المحمول من تسجيل المكالمات وتحويل الصوت الوارد فيها إلي نصوص أو تسجيلها كأصوات, والاحتفاظ بها في بريدك الالكتروني, أو إعادة توجيهها في صورة نصية أو مسموعة, لأطراف أخري كالأصدقاء والأقارب والعملاء والزملاء في العمل, أو استقبال مكالماتهم ورسائلهم كنصوص أو ملفات مسموعة سواء كنت في مكتبك أو في رحلة عمل أو حتي وقت الأجازة.

كل ذلك لا يتطلب منك إلا أن تكون مشتركا في خدمة البريد الإلكتروني الشهيرة من جوجل والمعروفة باسم جي ميل لأن هذه وسيلة تحديد هويتك بالخدمة, ثم تسجل نفسك في جوجل فويس وتشترك بها, وتختار لنفسك رقم تليفون موحدا علي جوجل فويس ويمكنك اختصار هذا الرقم بكلمات, وليكن مثلاgamal4545, ثم تسجل أرقام أي عدد من التليفونات المحمولة والثابتة الخاصة بك في العمل والمنزل وغيرها والتي تريد أن تكون جزءا من خدمة جوجل فويس, وبعدها حينما تأتيك مكالمة صوتية علي أي من هذه الأرقام أو التليفونات يمكن أن ترن جميعها أو بعضها في اللحظة نفسها, لأنه بإمكانك أن تضبط الخدمة بحيث يرن تليفون المكتب وتليفون المحمول عندما تكون في العمل من الساعة التاسعة إلي الساعة الخامسة, أو يرن تليفون المحمول وتليفون المنزل بعد انتهاء وقت العمل من الساعة الخامسة إلي الساعة السابعة مساء أو التليفون المحمول فقط إذا خرجت من المنزل للشراء أو للتنزه.

راجع هذا السيناريو مرة أخري وستجده يجسد خليطا من الأفكار الثلاثة التي أشرنا إليها مرارا, والتي جري إبداعها واختبارها ضمن رحلة التحول إلي الشبكة كلية الوجود, وذلك كالتالي:

ـ حينما يطلب شخص رقم التليفون المحمول الخاص بشخص آخر فتكون النتيجة أن يرن جرس تليفونه الثابت في المنزل وتليفوناته المحمولة في جيبه وفي العمل وحاسبه المكتبي في المكتب وحاسبه المحمول في شنطة سيارته أو فوق مكتبه في توقيت موحد متزامن فهذا يعني أننا أمام بنية اتصالات تحتية متمازجة تماما وتعمل ككيان موحد وليس فقط شبكات مستقلة مربوطة ببعضها البعض, وهذا تجسيد أو ظل لفكرة البنية التحتية الموحدة التي تعتبر من أهم أسس الشبكة كلية الوجود.

- وحينما تطلب جوجل فويس تسجيل جميع تليفونات المستخدم الأرضية والمحمولة والبريد الإلكتروني معا في سجل واحد بالخدمة, ثم تطلب إنشاء رقم جديد يستخدم بمفرده في إرسال واستقبال المكالمات من هذه التليفونات جميعا, فهذا تجسيد عملي أو ظل واضح لفكرة الترقيم الدولي الموحد التي عرضناها الأسبوع الماضي, حيث شكل رقم جوجل فويس الموحد واجهة موحدة لجميع تليفونات الشخص الأخري, وأصبح هو المنفذ الوحيد الذي تخرج منه وتصل إليه المكالمات, ثم يعاد توزيعها علي التليفونات الأخري.

- وحينما تنساب المكالمات من الشكل الصوتي إلي النصي والعكس ثم يعاد توجيهها في صورتها الأصلية أو المتحولة إلي وجهة جديدة, وحينما يدخل تليفون محمول في المكالمة أو يخرج تليفون ثابت من المكالمة دون تأثير علي سير المكالمة, فنحن أمام حالة انتقال للمكالمة من قناة اتصال لأخري بلا تعقيدات, وهذا يسير بالضبط فيما تطمح إليه الفكرة الثالثة الخاصة بالتواصل أو الاتصال السلس التي أشرنا إليها الأسبوع الماضي أيضا, والتي تسعي إلي تنقل وتجوال سلس للمكالمات أو الاتصالات الصوتية والنصية والمرئية بين أدوات الاتصال المختلفة ما بين ثابتة ومحمولة وحاسبات بلا انقطاع أو تأثير.

وحينما نجد أمامنا ظلالا للأفكار الثلاثة متمازجة في خدمة واحدة علي هذا النحو نكون فعليا أمام تحول كامل لإمكانات شبكة المعلومات- بمفهومها العلمي القائم علي المشاركة وتعدد الخيارات والدمج بين أكثر من عنصر أو خاصية معا والمزاوجة بين النص والصوت وتحويل أحدهما لصورة الآخر والعكس وتعدد المخارج والمداخل والنهايات الطرفية ما بين حاسب وجهاز محمول وتعدد وتنوع أجهزة قلب الشبكة ما بين حاسبات خادمة ومحولات وغيرها- إلي صورة قابلة للتعايش والتمرير والاستخدام المتبادل مع شبكة الاتصالات الصوتية القائمة علي المضي في مسار فردي أو ثنائي علي أقصي تقدير يقوم علي الصوت في صورة المختلفة, وبالتالي نحن أمام خطوة جدية صوب التحول إلي الشبكة كلية الوجود, وهنا بالضبط مكمن القيمة في جوجل فويس.

ولعل البعض يتساءل هنا: ما هو الفرق بين جوجل فويس والخدمات الصوتية الأخري المتاحة عبر الإنترنت حاليا وفي أوقات سابقة؟ والإجابة أن هناك شكلين من أشكال الاتصالات الصوتية عبر الشبكة سبقت جوجل فويس, الأول الاتصالات الصوتية عبر برامج الدردشة أو برامج المؤتمرات المرئية, وهذه الاتصالات لا تمر عبر شبكات الاتصالات المختلفة, محمولة كانت أم ثابتة, وإنما تسري بالكامل عبر شبكة الإنترنت محمولة علي حزم البيانات ببروتوكول الإنترنت, ومن ثم فهي لا تستخدم فكرة البنية الموحدة أو التواصل السلس أو الرقم الموحد لأكثر من خط تليفون عبر اكثر من شبكة.

والثاني الاتصالات التليفونية عبر الإنترنت من خلال مزود خدمة, وأشهر مثال علي ذلك شركة سكايب التي أتاحت الاتصال بالتليفونات الثابتة والمحمولة عن طريق جهاز الحاسب, وهنا حدث لأول مرة التلاقي بين الشبكتين, حيث يبدأ الاتصال من الحاسب ويمر عبر الإنترنت ثم ينتقل بعد ذلك إلي شبكات التليفونات الثابتة والمحمولة. ويستلزم هذا الأمر الاشتراك في خدمة سكايب واستخدام الحاسب أو تليفون متصل بالحاسب لإجراء الاتصال, لكن هذا النوع من الاتصالات لا يستخدم فكرة الرقم الموحد ولا فكرة التواصل السلس بين أكثر من أداة اتصال.

بقي أن نعلم أن جوجل فويس لا تستضيف المكالمات التليفونية, وما يحدث أن الخدمة تتصل بتليفونك عند إجراء أي مكالمة ثم تطلب الرقم الذي تريده, وهذه الخاصية تجعلها لا تتصادم مع توجهات او تشريعات بعض الدول علي غرار ما حدث مع خدمة بلاك بيري التي تستضيف الرسائل المارة من خلالها في مقر الشركة بكندا, وتمتاز المكالمات الدولية المارة من خلالها برخص التكلفة, حيث تبلغ تكلفة المكالمة من أمريكا لبريطانيا2 سنت في الدقيقة أي حوالي12 قرشا, ويمكنك إجراء مكالمة من صفحة خدمة جوجل فويس المربوطة بحساب بريدك الإلكتروني جي ميل وعندها سيرن تليفونك المحمول, وعندما تجيب سيتم توصيلك بالرقم الدولي الذي طلبته, اما إذا كنت بالخارج وتريد الاتصال الدولي, ما عليك إلا أن تطلب رقم جوجل فويس حيث تطلب منك الخدمة إدخال الرقم الدولي المطلوب, وإذا كنت تستخدم تليفون يعمل بنظام أندرويد فيمكنك طلب الرقم الدولي مباشرة من برنامج جوجل فويس.

ويمكنك استخدام خدمة جوجل فويس من متصفح جوجل كروم وذلك بتثبيت إضافة جوجل فويس, مما يتيح لك الوصول السهل للبريد الصوتي والاتصال والرسائل بضغطة واحدة في متصفح الإنترنت, وبالتالي يمكنك تلقي أي رسالة صوتية أو مكالمة تليفونية أثناء التصفح حتي لو لم يكن معك تليفونك المحمول أو الثابت في الغرفة أو المكتب, والخدمة متاحة في الوقت الحالي بالولايات المتحدة الأمريكية فقط, وتخطط شركة جوجل لطرحها في دول أخري, ولكن لم يعلن عن ذلك بعد.